الغربال 23 (الترف الأدبي)
09-04-1433 12:37 PM
الترف الأدبي
تتخذ بيئات الأدب في الجزيرة العربية طرقا شتى في رصدها لأحداثها الاجتماعية , فلم تكن بيئة الحجاز بترفها وصلتها بالعالم الإسلامي تشبه ببيئة تهامة مثلا بمجتمعها الساحلي المحدود , إنما لكل وجهة اجتماعية معتبرة , ولولا هذا الاختلاف ما توافرت أسباب الإسهامات الأدبية , ولا كثر عطاؤها , فمجتمع مثل تهامة يكاد يتميز بتكوينه الاجتماعي الذي يصلح لتشكيل اتجاه أدبي متميز , حيث يعيش الناس يومئذ ترفا مديدا يتصل بحياة الناس الخاصة, وما إسهامات الشعراء في أوائل النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري بقليلة العطاء , ولا هينة القيمة المعنوية , وإنما هي تنضح بصدق الشعور , وحيوية التفاعل الاجتماعي , يفرح الناس لقضاياهم الخاصة , ويشاركهم الشعراء فتكون النتائج حقيقية مفيدة لبناء حياة أدبية جديدة .
أقول : إن الناظر في واقع الأدب التهامي يومئذ يلمس استحقاقه للعناية والاهتمام , وأنه صادق العطاء , رائع الوصف والتناول , ألا تطرب لسماع هذه الأبيات الآتية من تلك القصيدة المربعة لشاعر جازان في زمانه علي بن محمد السنوسي ( 1315- 1363هـ ), وهو ينشد هذه القصيدة في حفل اجتماعي محلي حيث كان الناس في مجتمعه حريصين على تحقيق هذا الجانب الاجتماعي ذي الصبغة المحلية , يقول مهنئا صديقة الشيخ علي محمد صالح عبدالحق سنة (1356هـ ) بزواجه في مظهر اجتماعي مقبول :
تضوأت البلاد وفاح نشر=وغنى فوق غصن الأيك طير
لعمري قد تقارن فيه بدر=بشمس برجها الفلكي قصر(1)
ــــــــــــــــــــــــــ
(1)"من شعر علي بن محمد السنوسي" جمع وتحقيق عبدالله بن محمد أبوداهش.
|
 |
 |
خدمات المحتوى
|
أ.د: عبدالله أبوداهش
تقييم
|