أقول : بتكامل المنهج الأدبي المأمول لتاريخ الأمة الأدبي عند إلقاء النظر العلمي نحو بيئاتها العلمية المنسية , من مثل: الجزيرة العربية , فأدبها – على الأقل – في القرون الإسلامية الوسيطة غير منتظم الأطوار الأدبية في تاريخ الأدب العربي , إذ لا يعلمه أحد , ولا يحيط بمادته باحث , وكأنه لم يكن شيئا مذكورا .
ولعل ذلك القصور يعود إلى عدم الإحاطة بتراث هذه البيئة , حيث لا تزل المخطوطات المهمة متفرقة في: المكتبات الخاصة , ودور العلماء , وربما في بعض الخزائن العامة الأولية, كذلك يعد الفتور في همم الباحثين من دواعي فقد هذا الأدب وعدم الإحاطة به , حيث لم ينهض أولئك الباحثون بمسؤولية البحث الميداني , وعدوه من المشقة العلمية التي تعيق مسيرتهم, وتزيد من صعوبات بحوثهم فهي دون شك تحتاج للعمل الميداني الدؤوب المستمر, بل والتضحية العملية والمادية.
ولكي ندفع هذه المعوقات , ونفيد من تلك المادة الأدبية المبعثرة يجب النهوض بالبحث العلمي الميداني , وتوجيه الباحثين نحوه , علّهم ببحوثهم الميدانية يسدون ثغرات القصور الموجودة في هذا التاريخ , وهنالك نستطيع بناء هذا المنهج وتقويمه .
وفي الحقيقة أن أعلام هذه الفترة يستحقون هذا العناية ويرجونها , إذ لهم من السبق الأدبي والحضور المحلي في زمانهم ما يؤهلهم لهذا البناء التاريخي الأدبي المأمول , بل والجودة لأدبية في شعرهم ونثرهم فآثارهم وما أسهموا به من عطاء أدبي مميز يؤهلهم لهذا التكامل الأدبي المنشود .
ومن أمثلة أولئك الأدباء : القاسم بن علي الذروي , والقاسم بن علي بن هتيمل في القرن السابع الهجري ,والجراح بن شاجر الذروي , والقاضي محمد بن عمر الضمدي في القرن العاشر الهجري , والإمام محمد بن إسحاق (1090- 1167هـ ) الذي يقول , وهو رهين قيد السجن :
سرى طيف من أهوى إلى السجن مشفقا = وقد كان قدما لا يرق لإشفاقي
فما راعه إلا القيود التي رأى= علىّ وقد قامت بحربي على ساقي
فقلت له : هونا عليك فإنها = خلال مجد لا خلاخل الساقي (1)
وعندئذ يحسن بناء الشعور بهذا هذا الهاجس العلمي , وإبلاغه للجامعات والهيئات العلمية علها تنهض بهذا الجانب في توجيه الباحثين وابحاثهم نحو بهذا الميدان , وتيسير الإمكانات المادية والمعنوية لهم , لعلها تتحقق ,فهي عند ذوي البصائر مرجوة مأمولة .